عبد السلام بلحسن .
ما سوف أحاول معالجته في هذا الموضوع يتمحور
حول الإشكال التالي: هل الشعوب العربية الآن في حاجة إلى الفلسفة ما بعد
الحداثية أم الى الفلسفة الحداثية ؟ أم يجب إبداع نمط مختلف من الفلسفة ومن
التفكير خاص بهذه المجتمعات ؟
مما لاشك فيه أن منجزات الحداثة الغربية
لا تخفى على أحد سواء من الناحية الفكرية و الاقتصادية والاجتماعية و
بالأساس في ما يتعلق بحقوق الإنسان و المساواة و الديمقراطية و من التقدم
التقني و العلمي . لكن أهم حدث طبع هذه الحداثة هو الانتقال من نمط معين من
التفكير الى نمط اخر هو ما يسمى بالفكر ما بعد حداثي ، لكن هل يجب أن نفهم
هذا الانتقال كقطيعة مع الحداثة أم هو فقط جاء لكي يصحح و يقوم مسار
الحداثة .
إذا كانت الحداثة مؤسسة على مجموعة من المبادئ و أهممها العقل
و العقلانية و الحرية والتقدم و الديمقراطية و العلمانية ، طبعا مع تهميش
الجوانب الأخرى ، و هو ما أراد فكر ما بعد الحداثة رد الاعتبار له . ولقد
شكل فكر نتشه المنطلق الأساسي للنقد الحداثة و على نفس الدرب أيضا سار كل
من هايدغر و فرويد و الفلاسفة الفرنسيين ك مشيل فوكو و جاك دريدا و دولوز ،
و هنا تغيرت المبادئ لتتحول إلى قيم الجسد و الجنس و اللاعقل و البنية ؟
لكن نتساءل هل يمكن فعلا أن نؤسس مجتمعا سليما و فق هذه المبادئ؟؟؟؟؟
و
هل يمكن القول بأن العقل قد استنفذ كل إمكانياته لكي يتم تجاوزه ؟
كما
لا يخفى على أحد بأن مسار الحداثة قد انحرف عن طريقه و أدى إلى نتائج عكسية
، لكن لا يجب أن نتخذ من هذا المنزلق سببا لرفض الحداثة .
الان في
الساحة العربية نقول ماذا سنفعل بهذه الحداثة ما دام أن هذا الغرب الذي
ظهرت فيه قام بتجاوزها ؟ نقول بأننا نحن لم نمر بعد بهذه المرحلة و نتخذ من
ذلك الحدث منطلقا لتبرير و اقعنا المتخلف . و من تم اللجوء إلى وسائل أخرى
كالتصوف و الدين .
هنا نستحضر ما يجري الآن في الساحة الفكرية الغربية ،
حيث نلاحظ انحسار الفكر ما بعد الحداثي و ظهور قوي للفكر الحداثي الذي
يقوده هابرماس في ألمانيا و جون فيري في فرنسا . و ذلك تحت شعار "الحداثة
مشروع لم يكتمل "
و هنا نقول بأن الحداثة سوف تكتسح كل المجتمعات، حيث
لم يعد هناك الآن سبب لرفضها ، و أيضا يجب الإيمان بالحداثة و التنوير
كمشترك إنساني و كنتاج للبشرية جمعاء و ليس فقط نتاج للحضارة الغربية و هذا
هو الفخ الدي سقطت فيها الشعوب العربية.